مشاهد غريبة صنعها هذه الأيام بعض الأطفال بتيارت تكتشفها وأنت تتجول في الأحياء الشعبية، وبالضبط بالأسواق، فأول ما يثيرك هو وجود أطفال مختلفة أعمارهم، ملابسهم البالية توحي بفقرهم وعوزهم الشديد حاملين بعض الأكياس وأمامهم طاولات صغيرة يعرضون فيها بعض السلع البسيطة، حيث لم تجد بعض العائلات المعدومة أو المحدودة الدخل من طريقة لمواجهة مصاريف الشهر سوى دفع أبنائها للمساعدة نحو العمل، وذلك بتشغيلهم في كل ما يمكن أن يباع. وأنت مار بين هؤلاء الأطفال تجدهم يتهافتون عليك وكأنهم يترجون منك الشراء مقابل بضع دنانير، ومما يحزنك أكثر أن هؤلاء الأطفال قد سلبت منهم براءتهم سلبا، فبدل قضاء عطلة ربيعية في اللعب واللهو نجدهم مع الكبار يصارعون الجوع وبرودة الطقس ومضايقات البعض.
ولكن رغم كل هذا نجدهم يكافحون من أجل سد رمق عائلاتهم الفقيرة. أسعار السلع ملتهبة فلا يمكن لهؤلاء الأطفال سوى الصبر والتحايل على الزبائن لإقناعهم بأية وسيلة لشراء بضاعتهم، الأمر الذي يوضح بأن عمالة الأطفال، خاصة أن عددا من الأطفال يحصر نشاط عمله خلال العطل المدرسية فقط، في حين أن الأطفال الآخرين يزاولون نشاطهم طوال العام بفعل تسربهم المدرسي، كما أن المعطيات تشير إلى أن الظاهرة تزداد سوءا والأمر يدعو للقلق في غياب الجهات المختصة وجمعيات الورق. والغريب في الأمر حتى بعض المعلمين والأساتذة أصبحوا يزاولون نشاطات تجارية ليس فقط في العطل، بل وصلت إلى أيام الدراسة، فمنهم من اشترى محلا تجاريا، فيما آخرون أقدموا على وضع طاولات لبيع الشيفون أو الخردوات، ومنهم من أصبحت وجهته المفضلة الأسواق الأسبوعية، ومنهم من أصبح يمتهن (الكلوندستان) وحدّث و لا حرج رغم الزيادات المعتبرة التي أقرتها الوزارة الوصية، حتى أصبح همّ هؤلاء الربح السريع. غزالي جمال
31 mars 2012
3.Non classé